جراحات المخ والأعصاب الوظيفية
شهدت جراحات المخ والأعصاب الوظيفية تقدمًا هائلًا؛ مما أحدث ثورة في علاج الأمراض العصبية المزمنة مثل الشلل الرعاش والصرع، عبر تقنيات متطورة تمنح المرضى حياة أفضل.
شارك هذه الصفحة:

شهد مجال جراحات المخ والأعصاب الوظيفية تطورًا هائلًا في السنوات الأخيرة؛ مما أحدث ثورة في علاج العديد من الأمراض العصبية المستعصية التي كانت في الماضي تُعتبر غير قابلة للعلاج عن طريق الجراحة. يشير مصطلح جراحة الأعصاب الوظيفية إلى علاج الاضطرابات العصبية المزمنة التي تعيق أداء الشخص لوظائفه اليومية أو قدراته. تتضمن جراحة الأعصاب الوظيفية استعادة الحالة العصبية والوظيفة.
تهدف هذه الجراحات المتطورة إلى تعديل وظائف مناطق محددة في المخ تعرضت لخلل ما، وتسببت في عدة أمراض مثل مرض الشلل الرعاش (باركنسون). بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، أصبح بإمكان التدخل الجراحي تحقيق تحسن لوظائف المخ المتضررة؛ مما يسمح لمرضى الشلل الرعاش بالعيش بشكل أكثر طبيعية مع تقليل الاعتماد على الأدوية وتجنب آثارها الجانبية.
طفرة في علاج الشلل الرعاش:
يُعد مرض الشلل الرعاش (باركنسون) من أكثر الأمراض العصبية التي استفادت من التقدم في جراحات المخ والأعصاب الوظيفية. في الماضي، كان العلاج يعتمد فقط على الأدوية مثل "ليفودوبا"، التي تساعد على تحسين الأعراض ولكنها تفقد فعاليتها بمرور الوقت؛ مما يجعل التحكم بالمرض أكثر صعوبة.
هناك نوعان من العمليات الجراحية التي يقوم بها الدكتور زياد يسري، أستاذ جراحة المخ والأعصاب والشلل الرعاش، لمساعدة المرضى المصابين بمرض باركنسون، وتهدف إلى المساعدة في علاج الرعشة أو التصلب المصاحب للمرض:
• كي مناطق محددة بالمخ:
في هذا الإجراء، يتم استهداف أجزاء عميقة من الدماغ وإحداث جروح صغيرة في أجزاء حرجة من الدماغ تساعد في التحكم في الحركة. يمكن إجراء الجراحة بينما يكون المريض مستيقظًا للمساعدة في تحديد الموضع الدقيق للجرح. يتم وضع الجرح في منطقة الدماغ التي تسبب الرعشة. هذا النوع من العمليات تنطوي على علاج جانب واحد من المخ على عكس تحفيز المخ العميق الذي يؤثر على المخ بأكمله؛ مما يعطي نتائج أفضل.
• التحفيز العميق للمخ (DBS):
تقنية التحفيز العميق للمخ (DBS) تعتمد على زراعة أقطاب كهربائية في مناطق محددة داخل المخ، متصلة بجهاز تحفيز صغير يُزرع تحت الجلد في منطقة الصدر. بعد التعافي، يتم تحفيز منطقة الدماغ المحددة من خلال جهاز مولد النبضات المزروع تحت جلد الصدر الذي يقوم بإرسال نبضات كهربائية إلى المخ؛ مما يساعد على تعديل الإشارات العصبية وتقليل أعراض المرض، مثل الرعشة، البطء في الحركة، والتصلب العضلي.
تشير الدراسات إلى أن التحفيز العميق للدماغ حلًا طويل الأمد حيث يقلل بشكل كبير من اضطرابات الحركة التي يعاني منها مرضى الشلل الرعاش، بل ويسمح للمرضى بتقليل جرعات الأدوية؛ مما يقلل من آثارها الجانبية. كما أن هذا الإجراء أصبح أكثر أمانًا وفعالية بفضل التطورات المستمرة في تقنيات الجراحة العصبية والتصوير المخي.
تساعد عملية زرع تحفيز الدماغ العميق على عيش حياة أكثر نشاطًا حيث تسمح بممارسة الرياضات والأنشطة البدنية بعد العملية. بمجرد شفاء مواقع الجراحة، يمكن ممارسة الرياضة والاستحمام بشكل طبيعي.
ثورة في علاج الصرع:
كما حققت جراحات المخ والأعصاب الوظيفية تقدمًا كبيرًا في علاج مرض الصرع، وهو اضطراب عصبي مزمن يسبب نوبات صرعية متكررة نتيجة نشاط كهربائي غير طبيعي في المخ. في حالات الصرع التي لا تستجيب للعلاج الدوائي، أصبح من الممكن استئصال البؤر العصبية التي تسبب النوبات، أو استخدام تقنيات متطورة مثل تحفيز العصب الحائر، وهو جهاز يُزرع في الجسم لمساعدة المخ على تنظيم النشاط الكهربائي غير الطبيعي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن في بعض الحالات إجراء عمليات لفصل الشبكات العصبية التي تسبب النوبات؛ مما يساعد على تقليل تكرارها وتحسين جودة حياة المريض. هذه الإجراءات أعادت الأمل لكثير من المرضى الذين كانوا يعانون من نوبات صرعية غير قابلة للسيطرة؛ مما يمنحهم فرصة للعيش بحرية وأمان أكبر.
مصر رائدة في جراحات المخ والأعصاب الوظيفية:
إن مصر أصبحت من الدول الرائدة في مجال جراحات المخ والأعصاب الوظيفية؛ مما جعل هذه التقنيات الحديثة في متناول المرضى المصريين دون الحاجة للسفر إلى الخارج. يقوم الدكتور زياد يسري، أستاذ جراحة المخ والأعصاب والشلل الرعاش، بالاختيار الأمثل لكل مريض حسب الحالة الصحية ومتطلباته الشخصية.
بفضل التقدم في تقنيات جراحات المخ والأعصاب الوظيفية، أصبح بإمكان المرضى الذين كانوا يعانون من الشلل الرعاش استعادة جزء كبير من حياتهم الطبيعية. لم يعد هذا المرض يُشكل حاجزًا أمام ممارسة الحياة اليومية، بل أصبح التحكم به ممكنًا من خلال تقنيات جراحية متطورة، تعيد الأمل وتمنح المرضى فرصة لحياة أكثر سلاسة.